((علم نفس قرآني)) - دكتور مصطفى محمود
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
((علم نفس قرآني)) - دكتور مصطفى محمود
سيداتي وسادتي.. هل تعلمون ما معنى أن الله موجود؟
معناه أن العدل موجود و الرحمة موجودة و المغفرة موجودة.
معناه أن يطمئن القلب و ترتاح النفس و يسكن الفؤاد و يزول القلق فالحق لابد واصل لأصحابه.
معناه لن تذهب الدموع سدى و لن يمضي الصبر بلا ثمرة و لن يكون الخير بلا مقابل و لن يمر الشر بلا رادع و لن تفلت الجريمة بلا قصاص.
معناه أن الكرم هو الذي يحكم الوجود و ليس البخل..و ليس من طبع الكريم أن يسلب ما يعطيه.. فإذا كان الله منحنا الحياة، فهو لا يمكن أن يسلبها بالموت.. فلا يمكن أن يكون الموت سلبا للحياة.. و إنما هو انتقال بها إلى حياة أخرى بعد الموت ثم حياة أخرى بعد البعث ثم عروج في السماوات إلى ما لا نهاية.
معناه أنه لا عبث في الوجود و إنما حكمة في كل شيء.. و حكمة من وراء كل شيء.. و حكمة في خلق كل شيء.. في الألم حكمة و في المرض الحكمة و في العذاب حكمة و في المعاناة حكمة و في القبح حكمة و في الفشل حكمة و في العجز حكمة و في القدرة حكمة.
معناه ألا يكف الإعجاب و ألا تموت الدهشة و ألا يفتر الانبهار و ألا يتوقف الإجلال.
فنحن أمام لوحة متجددة لأعظم المبدعين.
معناه أن تسبح العين و تكبر الأذن و يحمد اللسان و يتيه الوجدان و يبهت الجنان.
معناه أن يتدفق القلب بالمشاعر و تحتفل الأحاسيس بكل لحظة و تزف الروح كل يوم جديد كأنه عرس جديد.
معناه ألا نعرف اليأس و لا نذوق القنوط.
معناه أن تذوب همومنا في كنف رحمة الرحيم و مغفرة الغفار..
ألا يقول لنا ربنا (( إن مع العسر يسرا)).. و أن الضيق يأتي و في طياته الفرج فأي بشرى أبعث للاطمئنان من هذه البشرى.
و لأن الله سبحانه واحد.. فلن يوجد في الوجود إله آخر ينقض وعده و لن ننقسم على أنفسنا و لن تتوزعنا الجهات و لن نتشتت بين ولاء لليمين و ولاء لليسار و تزلف للشرق و تزلف للغرب و توسل للأغنياء و ارتماء على أعتاب الأقوياء.. فكل القوة عنده و كل الغنى عنده و كل العلم عنده و كل ما نطمح إليه ين يديه.. و الهرب ليس منه بل إليه.. فهو الوطن و الحمى و الملجأ و المستند و الرصيد و الباب و الرحاب.
و ذلك الإحساس معناه السكن و الطمأنينة و راحة البال و التفاؤل و الهمة و الإقبال و النشاط و العمل بلا ملل و بلا فتور و بلا كسل و تلك ثمرة ((لا إله إلا الله)) في نفس قائلها الذي يشعر بها و يتمثلها، و يؤمن بها و يعيشها و تلك هي أخلاق المؤمن بلا إله إلا الله.
و تلك هي الصيدلية التي تداوي كل أمراض النفوس و تشفى كل علل العقول و تبرئ كل أدواء القلوب.
و تلك هي صيحة التحرير التي تحطم أغلال الأيدي و الأرجل و الأعناق و هي أيضا مفتاح الطاقة المكنوزة في داخلنا و كلمة السر التي تحرك الجبال و تشق البحور و تغير ما لا يتغير.
و لم يخلق إلى الآن العقار السحري الذي يحدث ذرة واحدة من هذا الأثر في النفس.
و كل عقاقير الأعصاب تداوي شيئا و تفسد معه ألف شيء آخر.. و هي تداوي بالوهم و تريح الإنسان بأن تطفئ مصابيح عقله و تنومه و تخدره و تلقى به إلى قاع البحر موثوقا بحجر مغمى عليه شبه جثة.
أما كلمة لا إله إلا الله فإنها تطلق الإنسان من عقاله و تحرره من جميع العبوديات الباطلة و تبشره بالمغفرة و تنجيه من الخوف و تحفظه من الوسواس و تؤيده بالملأ الأعلى و تجعله أطول من السماء هامة و أرسخ من الأرض ثباتا.. فمن استودع همه و غمه عند الله بات على ثقة و نام ملء جفنيه.
ولأن الله هو خالق الكون و مقدر الأقدار و محرك المصائر.. فليس في الإمكان أبدع مما كان.. لأنه المبدع بلا شبيه.. لا يفوقه في صنعته أحد.. فلن تعود الدنيا مسرحا دمويا للشرور و إنما درسا رفيعا من دروس الحكمة.
و لأن الله موجود فإنك لست وحدك.. و إنما تحف بك العناية حيث سرت و تحرسك المشيئة حيث حللت.
و ذلك معناه شعور مستمر بالإئتناس و الصحبة و الأمان.. لا هجر.. و لا غدر.. و لا ضياع.. و لا وحدة.. و لا وحشة و لا اكتئاب. و ذلك حال أهل لا إله إلا الله.
يذوقون شميم الجنة في الدنيا قبل أن يدخلوها في الآخرة و هم الملوك بلا عروش و بلا صولجان.. و هم الراسخون المطمئنون الثابتون لا تزلزهم الزلازل و لا تحركهم النوازل.
تلك هي الصيدلية الإلهية لكل من داهمه القلق.. فيها علاجه الوحيد.. و فيها الإكسير و الترياق و ماء الحياة الذي لا يظمأ بعده شاربه.. و فيها الرصيد الذهبي و المستند لكل ما نتبادل على الأرض من عملات ورقية زائلة متبدلة.. و فيها البوصلة و المؤشر و الدليل.
و فيها الدواء لكل داء.
التركيبة النفسية الإيمانية
و المؤمنون أهل حلم و صبر و تواضع و تسامح و حياء.
((يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)) (63 الفرقان)
تعرفهم بطول الصمت و تواصل الفكر و خفض الصوت و البعد عن الهرج و الصخب و التلاعن.
و تعرفهم بالتأني و الاتقان و الإحسان فيما يعهد إليهم من أعمال، و تعرفهم بالدماثة و لين الطبع و الصدق و الوفاء و الاعتدال في الأخذ من كل شيء.
و إذا كان لابد من اختيار صفة واحدة جامعة لطابع المؤمن لقلت هي:
السكينة، فالسكينة هي الصفة المفردة التي تدل على ان الانسان استطاع أن يسود مملكته الداخلية و يحكمها و يسوسها.
و هي الصفة المفردة التي تدل على انسجام عناصر النفس و التوافق بين متناقضاتها و انقيادها في خضوع و سلاسة لصاحبها و هي أمر لا يوهب إلا لمؤمن.
و أنت تقرأ هذه السكينة في هدوء صفحة الوجه.. ليس هدوء السطح بل هدوء العمق.. هدوء الباطن.. و ليس هدوء الخواء و لا سكون البلادة، و إنما هدوء التركيز و الصفاء و اجتماع الهمة و وضوح الرؤية.. و كأنما الذي تراه أمامك يضم البحر بين جنبيه.
و البحر ساكن و لكنه جياش يطرح الآلئ و الأصداف و المراجين من أعماقه لحظة بعد لحظة، فهو غني الغنى اللانهائي
رد: ((علم نفس قرآني)) - دكتور مصطفى محمود
جزاك الله خيرا
احمد حازم- عضو ماسى
- الأوسمة :
عدد المساهمات : 850
نقاط : 872
تاريخ التسجيل : 14/05/2014
مواضيع مماثلة
» الظلام المخيف - الدكتور . مصطفى محمود
» ((نقطة من البحر المحيط)) - الدكتور مصطفى محمود
» لماذا تمرض نفوسنا؟!! - بقلم الدكتور/ مصطفى محمود
» ما جاز ليهمل قرآني
» هرم دكتور ماسلو فى ترتيب الحاجات الإنسانية .
» ((نقطة من البحر المحيط)) - الدكتور مصطفى محمود
» لماذا تمرض نفوسنا؟!! - بقلم الدكتور/ مصطفى محمود
» ما جاز ليهمل قرآني
» هرم دكتور ماسلو فى ترتيب الحاجات الإنسانية .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى