فالصلاة هي عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، وقد ذكر مالك رحمه الله في موطئه عن نافع أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يكتب إلى عماله وأمرائه ويقول لهم : (إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
 
وللمرأة أحكام في الصلاة تختص بها عن الرجل ، وإيضاحها كما يلي :
 
1 - ليس على المرأة أذان ولا إقامة
لأن الأذان شرع له رفع الصوت ، والمرأة لا يجوز لها رفع صوتها ، ولا يصحان منها.
 
 
2 - كل المرأة عورة في الصلاة إلا وجهها
وفي كفيها وقدميها خلاف ، وذلك كله حيث لا يراها رجل غير محرم لها ، فإن كان يراها رجل غير محرم لها وجب عليها سترها ،
كما يجب عليها سترها خارج الصلاة عن الرجال ، فلا بد في صلاتها من تغطية
رأسها ورقبتها ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها ، قال صلى الله عليه
وسلم : لا يقبل الله صلاة حائض - يعني : من بلغت الحيض - إلا بخمار
 
والخمار : ما يغطي الرأس والعنق ،
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟
قال : إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها .
 
فدل الحديثان على أنه لا بد في صلاتها من تغطية رأسها ورقبتها كما أفاده حديث عائشة ،
ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهور قدميها كما أفاده حديث أم سلمة ،
ويباح كشف وجهها حيث لا يراها أجنبي ؛ لإجماع أهل العلم على ذلك .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في  مجموع الفتاوى :
فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار ، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها ، فأخذ الزينة في الصلاة حق لله ، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو كان وحده بالليل ، ولا يصلي عريانا ولو كان وحده ، إلى أن قال : فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة
النظر لا طردا ولا عكسا . انتهى .
 
 
3 - أن المرأة تجمع نفسها في الركوع والسجود بدلا من التجافي
قال النووي : قال الشافعي رحمه الله في [ المختصر ] : ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلا
أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض ، أو تلصق بطنها بفخذيها في السجود كأستر ما تكون ، وأحب ذلك لها في الركوع وفي جميع الصلاة . انتهى .
 
 
4- يباح للنساء الخروج من البيوت للصلاة مع الرجال في المساجد
وصلاتهن في بيوتهن خير لهن ، فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد ، وبيوتهن خير لهن )  فبقاؤهن في البيوت وصلاتهن فيها أفضل لهن من أجل التستر .
 
وإذا خرجت إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب التالية :
أ - أن تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل ، قالت عائشة رضي الله عنها :
كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس .
 
ب - أن تخرج غير متطيبة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن تفلات
ومعنى " تفلات " أي : غير متطيبات ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة
وروى مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا.
 
ج - ألا تخرج متزينة بالثياب والحلي ، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها .
 
د - إن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال ، لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا .
 
وعنه : صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا - أم سليم - رواه البخاري .
 
وإن كان الحضور من النساء كثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل الرجال قدام الغلمان ، والغلمان خلفهم ، والنساء خلف الغلمان ، رواه أحمد ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها .
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال ، ولا يصلين
متفرقات إذا صلين خلف الرجال ، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح .
 
هـ - إذا سهى الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبهه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
إذا نابكم في الصلاة شيء فليسبح الرجال ، وليصفق النساء وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ،
ومنها سهو الإمام ؛ وذلك لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال ، فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم .
 
و - إذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد وبقي الرجال جالسين ؛ لئلا يدركوا من انصرف منهن ؛ لما روت أم سلمة قالت : إن النساء كن إذا سلمن من المكتوية قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله ،
فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال .
 
 
ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء :
أحدها : لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال .
الثاني : تقف إمامتهن وسطهن .
الثالث : تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه ، بخلاف الرجل .
الرابع : إذا صلين صفوفا مع الرجال فآخر صفوفهن أفضل من أو لها . انتهى .
 
ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء .
 
ز - خروج النساء إلى صلاة العيد : عن أم عطية رضي الله عنها قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق ، والحيض ، وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة - وفي لفظ : المصلى - ويشهدن الخير ، ودعوة المسلمين .
 
قال الشوكاني : والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر . . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : فقد
أخبر المؤمنات أن صلاتهن في البيوت أفضل لهن من شهود الجمعة والجماعة إلا
العيد ، فإنه أمرهن بالخروج فيه - ولعله والله أعلم - لأسباب :
 
الأول : أنه في السنة مرتين ، فقبل بخلاف الجمعة والجماعة .
الثاني : أنه ليس له بدل ، بخلاف الجمعة والجماعة فإن صلاتها في بيتها الظهر هو جمعتها .
الثالث : أنه خروج إلى الصحراء لذكر الله ، فهو شبيه بالحج من بعض الوجوه ؛ ولهذا كان العيد الأكبر في موسم الحج موافقة للحجيج . انتهى ..
 
 
ومن هذه النقولات تعلمين أيتها الأخت المسلمة أن خروجك لصلاة العيد مسموح به شرعا ؛ بشرط الالتزام ، والاحتشام ، وقصد التقرب إلى الله ، ومشاركة المسلمين في دعواتهم وإظهار شعار الإسلام ، وليس المراد منه عرض الزينة والتعرض للفتنة ، فتنبهي لذلك .