كن في الدنيا كأنك غريب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كن في الدنيا كأنك غريب
حينما نتأمل الدنيا وتكالب الناس عليها والحرص على ما فيها من متاع زائل وكأنها دار خلود وبقاء ، نتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين لنا حقيقة وجودنا في الدنيا ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. (رواه البخاري)
فالدنيا ليست دار إقامة ولا استقرار بل هي فانية زائلة ، وما هي إلا أيام نقضيها في الدنيا وننتقل بعدها إلى دار الخلود في جنة أو نار ، والكيس الفطن لا يترك الباقي من أجل الفاني .
ولذلك نرى كيف شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مُقام المؤمنين في الدنيا بحال الغريب ؛ فإنك لا تجد في الغريب ركونا إلى الأرض التي حل فيها أو أُنسا بأهلها ، ولكنه مستوحش من مقامه ، دائم القلق ، لم يشغل نفسه بدنيا الناس ، بل اكتفى منها بالشيء اليسير .
فليكن الإنسان في الدنيا على إحدى هاتين الحالتين: حال الغريب، أو حال عابر سبيل. الغريب الذي يُقيم في أرض وهو يعلم أنها ليست أرضه، ويُقيم في بلد، وهو يعلم أنها ليست وطنه، فهو دائم الحنين إلى وطنه
لقد بيّن الحديث غربة المؤمن في هذه الدنيا ، والتي تقتضي منه التمسّك بالدين ، ولزوم الاستقامة على منهج الله ، حتى وإن فسد الناس ، أو حادوا عن الطريق ؛ فصاحب الاستقامة له هدف يصبو إليه ، وسالك الطريق لا يوهنه عن مواصلة المسير تخاذل الناس ، أو إيثارهم للدعة والراحة ، وهذه هي حقيقة الغربة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء ) رواه مسلم .
ووطن المؤمن ليس هو الدنيا، إنما هو الجنة.. فإن الله حينما خلق آدم، أسكنه وزوجته الجنة، ثم أهبطه منها، ووعده وذريته من الصالحين بالرجوع إلى المسكن الأول.. إلى الجنة.
ولهذا فإن المؤمن يحنُّ إلى الوطن الأول:
كم من منزل في الأرض يألفه الفتى ***** وحنينه أبدا لأول منـــــزل
يحنُّ إلى الجنة، التي كان فيها أبوه، ورضي الله عن ابن القيم إذ يقول :
فحيِّ على جنات عدنٍ فإنها ***** نازلك الأولى وفيها المخيَّمُ
ولكننا سَبِيُ العدو فهل ترى ***** عود إلى أوطاننا ونسلـم؟
نحن قد سبانا الشيطان، وأصبحنا أسرى له، فهل ترى نُفكُّ من إساره؟ وهل ترى نخرج من داره؟ وهل ترى نعود إلى دارنا ووطننا الأول.. الجنة؟ و كم سنعيش في هذه الدنيا قبل أن نرجع إلى وطننا ؟
فهذا الليل يُسلمنا إلى النهار، والنهار يُسلمنا إلى الليل، ونحن بينهما على سفر، وكلاهما يُفضي بنا إلى الآخرة .
سأل الفُضَيْل بن عياض رجلاً: كم عمرك؟ فقال له: ستون سنة. قال له: إذن فأنت منذ ستين عامًا وأنت تسير إلى ربك فيوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال له الفضيل: أتدري معنى ما تقول؟ مَن علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع، فليعلم أنه بين يدي الله موقوف، ومَن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، ومَن علم أنه مسئول، فليُعد للسؤال جوابًا.
فقال الرجل: وما النجاة؟ وما الحيلة؟
فقال الفضيل: أن تُحسن فيما بقيَ، يُغفر لك ما مضى، وإن لم تُحسن فيما بقىَ، أُخذت بما مضى وبما بقي .
أرجو رحمة ربي- عضو ماسى
- الأوسمة :
عدد المساهمات : 452
نقاط : 904
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
العمر : 46
رد: كن في الدنيا كأنك غريب
جزاك الله خيرا
احمد حازم- عضو ماسى
- الأوسمة :
عدد المساهمات : 850
نقاط : 872
تاريخ التسجيل : 14/05/2014
مواضيع مماثلة
» النفس تبكى على الدنيا
» لقد حيزت لك الدنيا بحذافيرها ...يكفيك أن تقرأ هذا الموضوع لتعرف حجم نعم الله عليك.
» لقد حيزت لك الدنيا بحذافيرها ...يكفيك أن تقرأ هذا الموضوع لتعرف حجم نعم الله عليك.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى